انحسار مياه البحر بمدن ليبية والخوف من حدوث تسونامي

امتدت حالة الجدل والقلق من احتمال تعرض مدن البحر المتوسط لموجة تسونامي إلى ليبيا والتي ربطها البعض من غير المختصين عبر منصات التواصل الاجتماعي بتراجع لمياه البحر في سواحل طرابلس وبنغازي، وهو أمر يفنده خبراء جملة وتفصيلا.

وساهمت حوادث طبيعية تعرضت لها المنطقة خلال الأيام الأخيرة في تأجيج المخاوف والهلع، فقد سجل وقوع زلزال بقوة 4.3 بمقياس ريختر، في البحر المتوسط شمال شرق مدينة مصراتة بنحو 178 كيلومترا تقريبا يوم السبت الماضي، وذلك بحسب ما سجلته محطات الرصد الزلزالي العالمية، والتابعة للمركز الوطني الإيطالي للجيوفيزياء وعلم البراكين.


وقال المركز الليبي لعلوم الفضاء والاستشعار عن بعد، إن الزلزال وقع صباحا في الساعة العاشرة، ولم يشعر به سكان المنطقة. والمركز المختص برصد الزلازل في ليبيا خارج الخدمة منذ سنوات بسبب عدم تخصيص ميزانية لتمويله وصيانته ما يجعل السلطات تستعين بالمحطات الأجنبية لرصد شدة الهزات الأرضية.

وقبلها بأيام ضرب زلزال بقوة 5.3 على مقياس ريختر الساحل الغربي لجزيرة كريت اليونانية، وكانت الهزة على عمق 18 كيلومترا أسفل سطح البحر وتبعد نحو 440 كيلومترا عن سواحل البحر المتوسط.


وما زاد من قلق الليبيين هو إعلان مصر إغلاق الشواطئ في عدد من المدن المطلة على البحر المتوسط بسبب سوء الأحوال الجوية وارتفاع الأمواج.

كما أثار فوران بركانين في جزيرة صقلية وهما بركانا إتنا وسترومبولي في الأسبوع الأول من الشهر الجاري حالة من القلق في شرق ليبيا وتونس بعد التأهب في إيطاليا، حيث وصلت الغازات المنبعثة في الجو إلى شمال شرق ليبيا وحتى حدود مصر الشمالية الغربية، والهواء كان محملا بثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت. والمشكلة الحقيقية بالنسبة لإيطاليا أنها أصبحت بؤرة للنشاط البركاني، في ظل وجود تحت السطح 12 بركانا خامدا.

وتزامن ذلك مع تحذيرات عالم الزلازل الهولندي، فرانك هوغربيتس، من احتمالية وقوع زلزال ضخم التي أثارت حالة من القلق، حيث توقع حدوث كارثة تسونامي في منطقة البحر المتوسط ناجمة عن التغيرات التي تشهدها المنطقة.

وأوضح فرانك هوغربيتس عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، قائلًا إن منطقة البحر المتوسط قادرة على إنتاج زلازل بحجم كبير. واسترشد فرانك هوغريتس بحدوث زلزال في 21 يوليو عام 365 وكان مركزة بجزيرة كريت حيث تسبب الزلزال والذي كانت قوته 8.6 على مقياس ريختر في حدوث تسونامي وتسبب في دمار هائل في جنوب ووسط اليونان وتسبب في غرق مناطق ساحلية كاملة في مياه البحر المتوسط.

وتؤكد مراكز مختصة أن انحسار مياه البحر في بعض المناطق المطلة على البحر المتوسط يرجع للظواهر الطبيعية مثل المد والجزر.


وبيّن رئيس الجمعية الفلكية الأردنية عمار السكجي في تصريح لـ«بوابة الوسط»، أن احتمال حدوث زلزال بقوة 7.5 إلى 8 درجات ممكن أن ترتفع بسببه الموجة إلى 5 أمتار، واستند إلى دراسة علمية محكمة بعنوان «التقييم الاحتمالي لمخاطر تسونامي من خلال التأثير التاريخي غير الكامل وغير المؤكد من خلال سجلات البحر الأبيض المتوسط والبحار المتصلة» ومنشورة في مجلة الجيوفيزياء البحتة والتطبيقية رقم 180 في عام 2023.

وقال السكجي، إنه يُنظر إلى خطر التسونامي على أنه احتمال تعرض خط ساحلي معين لضربة تسونامي قد تسبب مستوى معينًا من التأثير (التدمير)، ويتم التعبير عن مقياس تأثير التسونامي من حيث قيم شدة التسونامي، المخصصة على مقياس مكون من 12 درجة.

ولحساب مخاطر التسونامي، اعتمدت الدراسة على تاريخه في المنطقة والمدون في كتالوجات التسونامي، واستخدمت فيها نماذج احتمالية معتمدة لتقييم مخاطر الزلازل والتسونامي من خلال النظر في الحجم الزلزالي والتسونامي، حيث تم قياس هذه المخاطر من خلال تأثير الموجة ومن حيث قيم الشدة.

وتم تطبيق النماذج باستخدام كتالوجات البحر الأبيض المتوسط والبحار المتصلة به وأن هذه البيانات توفر نتائج أكثر واقعية وأن مستوى الخطر يعتمد مستوى النشاط الزلزالي وليس على حجم حوض المحيط، وتم العثور على أعلى مستوى لخطر تسونامي في شرق البحر المتوسط وفي بحر مرمرة كان خطر التسونامي منخفضا. وكان أدنى مستوى في البحر الأسود. كما أن هناك مخاطر في خليج كورينث الصغير وسط اليونان مماثلة لتلك الموجودة في غرب البحر الأبيض المتوسط.

وتابع أستاذ الفيزياء النظرية والفلكية، إن نتيجة الدراسة تشير إلى أن فترة عودة التسونامي المدمر أكبر من 7 في 22 سنة في حوض البحر الأبيض المتوسط بأكمله، و31 سنة في شرق البحر المتوسط، و118 سنة في غرب البحر المتوسط، و135 سنة في خليج كورينث الصغير وسط اليونان، و424 سنة في بحر مرمرة، و1660 سنة في البحر الأسود.
من جانبه، قال الخبير التونسي في المناخ والناشط البيئي حمدي حشاد في تصريحات لـ«بوابة الوسط» إن حدوث الزلازل في البحر المتوسط أمر طبيعي، حيث تلتقي فيها الصفيحة الأفريقية بالصفيحة الأوروبية وممكن التقاء الصفيحة العربية، مذكرا بوقوع قبل أيام قبالة سواحل كريت زلزال، لكنه استبعد حدوث تسونامي في البحر المتوسط بالنسخ المدمرة التي شاهدناها في فوكوشيما أو سواحل جنوب شرق آسيا سنة 2004.

ووفق حشاد، على عكس موجات تسونامي المعتادة التي تنتج عن النشاط الزلزالي في عرض البحر، فإن التسونامي هذا ينجم عن تغيرات سريعة في الضغط الجوي الناجم بدوره عن أحداث جوية سريعة الحركة مثل العواصف الرعدية أو موجات الحر مثل التي نعيشها حاليا.

وعدّت مصر من أكثر الدول التي تم تداول بها الكثير من الأخبار في الأيام الأخيرة حول وجود تسونامي البحر المتوسط تسبب في إغلاق الكثير من الشواطئ، وذلك بسبب انخفاض المياه. وعلّق مجلس الوزراء المصري في بيان «على ما تردد من أنباء في بعض صفحات التواصل الاجتماعي بشأن انحسار مياه البحر عن بعض شواطئ الجمهورية بشكل كبير، مما يهدد بحدوث فيضانات مدمرة». وقال إنه «تواصل مع المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، الذي أكد أنه لا صحة لانحسار مياه البحر عن بعض شواطئ الجمهورية نتيجة موجات مد بحري (تسونامي) جراء وجود زلزال كبير في البحر المتوسط».

وأوضح المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري أن «انخفاض منسوب المياه في تلك الشواطئ يعد ظاهرة طبيعية تحدث بشكل طبيعي نتيجة التغيرات المناخية، وتكون مرتبطة بحركتي المد والجزر، ولا علاقة لها مطلقاً بحدوث أعاصير مدمرة».

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *